ads

الأحد، 8 يوليو 2012

التعصّب الديني وحرية الاعتقاد

بالبداية و قبل أن أتحدث عن أي شيء أريد أن أقول أنني لست ماسونياً كما سيظن البعض و لست مسيحياً و لست مسلماً و لست يهوديا أو حتى بوذياً او زرادشتياً !! من تقرأ له الآن هو إنسان فمن البداية سأنوّه للجميع بعدم أختيار الديانات لي مثلما يفعل البعض


قررت أن أكتب .. ولكن عن ماذا سوف أكتب !! ما هي أبرز القضايا في المجتمع حالياً ؟
كنت أريد أن أكتب عن المثليين والمثليات و حقوقهم و لكن أنا متأكد ان 90% من العرب لم يستعدو بعد لإستقبال مثل هذه المواضيع و موضوع مثل هذا يجب أن يأتي على فترات و على عدة مقالات
ففكّرت وقلت لماذا لا أتكلم عن التعصّب وحرية الاعتقاد بما أنني قبل فترة صادفت و أن قرأت عن هكذا موضوع
دخلت إلى المركز الأرثوذوكسي للدراسات والأبحاث للعمل فيه في مجالي فعلمت أنّ مديرة هذا المركز هي صحفية أيضاً و بالصدفة مرّة أخرى عرفت اسمها و قرأت لها مقالاً فكانت تتحدث عن التعصب ولكنها ذكرت حادثة بسيطة
حيث أنه كان هنالك سيارة تحمل 4 من رجال الكنيسة فوقفت هذه السيّارة على إشارة ضوئية ..و بطبيعة الحال في الأردن المتسولّين يكادون ينتشرون على كل إشارة !! فتقدم طفل صغير بريء يطلب المال .فاستعد أحد رجال الكنيسة ليخرج المال من محفظته فتفاجئ بهذا الولد الصغير يقول له "لا لا لا أريد مال .. أنا مسلم والحمدلله" و بالمناسبة كان عنوان مقالها "مسلم والحمدلله"


فمثل هذا الطفل انا أجزم أنه عندما يكبر إما سيصبح تكفيرياً و إما أن يصبح كارهاً شديداً للمسيحية و كل هذا يرجع بسبب تربية الأهل على التعصّب والتطرف !!


قبل أن ابدأ بكلامي أوضحت لماذا أريد كتابة هذا المقال ...وقبل أن أدخل بالموضوع سأنصحك نصيحة عزيزي القارئ ..إذا كنت متعصباً أو ممن تكون هوايته و شغلته الشاغلة هي التكفير فلا تكمل رجاءً لأنني لا أريد أن أرى تعليقات "ترفعلي ضغطي"


بدايةً سنقول ما هو الدّين ؟  و ما هي المادّية ؟ و ما هو التعصّب ؟


الدّين هو الإيمان والإعتقاد بما وراء الطبيعة و أن تؤمن بأشياء أنت أخبرت بها دول أي دليل "مادّي"
أما المادّية هي الاعتقاد بأن المادّة هي الأصل و أن كل شيء في الكون هو نتاج للمادّة
أما التعصّب الدّيني هو أن تعتقد بأن دينك هو الأفضل و دينك هو المميز و أن تستعلي على غيرك من أصحاب الديانات الأخرى و كرههم لأنهم يخالفونك بالإعتقاد والأفكار والأخلاق


لن أوغل في التعريفات فمعظمنا يعرفها بلغته العامّية لكني وضعتها لأنه هي أصل كلامي


سأبدأ بالحقيقة المطلقة و قصتها مع الأديان .. للأسف بأن كل دين يدّعي أنه يملك الحقيقة المطلقة و أنه دين الله و أن تابعي هذا الدّين هم شعب الله المختار !! إن الحقيقة المطلقة حقيقة واحدة و إله واحد و ليس عدّة آلهه فكيف لكل دين أن يدّعي أنه يملك هذه الحقيقة !!


الآن سنعود للمادّية و القليل من الفلسفة ..
أنت الآن في غرفة مربّعة و أمامك كرسي .. أنت ستقول إن هذا كرسي و ستبثبت وجود هذا الكرسي لإنه مكوّن من مادّة والمادّة موجودة أمامك ..ألا و هي الكرسيّ ..بغض النظر إن قلت كرسي او chair أو قلت أي كلمة أخرى ..أنت أمامك شيء يمكنك الجلوس عليه و أنت تسميه "كرسيّ" ..بهذه الحالة لا يمكن لأي إنسان عاقل أن ينفي وجود هذا الشيء المسمّى بالكرسيّ الذي أمامك و عندما تسأله مالذي تراه ؟ سيقول "كرسيّ" و سبب هذا الإثبات الذي لا يختلف عليه إثنان هو أننا نراه "مادّياً"
ستقول في نفسك ولو أتيت بشخص يعيش في غابات إفريقيا و لم يرى الكرسيّ في حياته كيف سنثبت وجوده
حجّة غبية !! فالكرسي موجود وهو يراه مادّياً لكن هو لا يعرف أنه يسمى كرسيّ ولا يعرف لم يستخدم المهمّ أنّ المادّة موجودة وأنه رآها و أثبتنى وجد هذا الشيء
ولكن هل إذا كنت في غرفة فارغة تماماً ..هل تستطيع القول بأن هذا الكرسيّ موجود ؟
و إن قلت أن الكرسي موجود و أتيتني ب 100 دليل فلسفي و ما ورائي و ميتافيزيقي عن وجود هذا الكرسي و أنت في الغرفة "الفارغة"
على أنه يوجد كرسيّ لن تقنعني و لن تستطيع إقناع إلا من يثق بك و يصدقك و يحبك حب أعمى و هو في هذه الحالة كالخروف وراء الراعي يقوم بالمشي كما يريد الراعي تماماً بدون أي حد أدنى للتفكير ... أنت هنا ينقصك أهم دليل لإثبات وجود الكرسي !1 ألا وهو الدليل المادّي !!


ولا تقل لي هل ترى الهواء ؟ و هل ترى الضوء ؟ و هل و هل و هل ؟ كل هذه الحجج مردود عليها ما عليك إلا البحث لتجد جوابك انا اوردت المثال فقط لأستطيع إكمال كلامي دون متاعب


والآن سنعود للحقيقة المطلقة مرة أخرى .. هل للإسلام حقيقة مطلقة ؟ هل للمسيحية حقيقة مطلقة ؟ هل لليهودية حقيقة مطلقة ؟ و هل و هل و هل و هل و هل و هل و هل ؟ لأن الديانات منذ نشوء الإنسان و هي ظاهرة و لن أعدها كلها و سأكتفي بأشهرها


الإسلام و ينقسم إلى 72 فرقة انقرضت أغلبها لكن الباقية منها هي (السنة , الشيعة , المرجئة , المعتزلة , والصوفية)
و تحت كل فرقة هنالك مذاهب فالسنة لها 4 مذاهب والشيعة 12 مذهب و والصوفية لها طرق عديدة مثل الطريقة الرفاعية والطريقة القادرية و إلخ ولا أعلم ماذا عن المرجئة والمعتزلة !!
المسيحية و فيها البروتستانت والأرثوذكس والكاثوليك
اليهودية وفيها (اليهودية الإصلاحية , اليهودية المحافظة , اليهودية الأرثوذكسية) وبالمناسبة لأني أرى البعض يعتقد أن كلمة "الصهيونية" تطلق على اليهود بشكل عام والبعض يظنها ديانتهم ..الصهيونية هي مجرد حركة فقط
الزرادشتية و هي موجودة من قبل المسيحية و حتى البوذية و هي منذ أكثر من 3000 عام حيث أنها تتطابق بنسبة كبيرة مع الإسلام فالزرادشتية ديانة توحيدية (اقرأ عنها أكثر)


هذا عداك عن عباد البقر والنار والشمس و إلخ


كل منهم يدّعي أنه يملك الحقيقة المطلقة .. تسأل المسيحي فيقول لك عندي 1000 معجزة و دليل على أن ديانتي و عقيدتي صحيحة !! و فعلاً سيأتيك بهذه الدلائل .. لكن عندما تسأله عن الدليل المادّي لوجود الله يذهب إلى الأساليب الملتوية ليغيّر الموضوع


تسأل المسلم فيقول لك نفس الكلام .اليهودي البوذي الزرادشتي عابد البقر والنار والشمس سيقول لك نفس الكلام
أين الدّليل العلمي المادّي لوجود الله ؟
بالتأكيد لا يوجد !! فالإيمان هو إيمان غيبي مبني على الثقة بالكتاب الخاص بك وبالرسول الخاص بك


لكن ألا تلاحظ معي عزيزي القارئ .. بأنه بعد الإختلاف بمعتقدات جميع الأديان عن بعضها يوجد هنالك إختلافات بالديانة نفسها ..ستقول لي كيف ؟


لنفرض أننا بحثنا في جميع الأديان و أحضرنا الدليل المادّي و قمنا بالبحوث اللازمة والإثباتات الفلسفية والمادّية و أثبتنا وجود إله الإسلام و من ثمّ قارنّا الإسلام بباقي الدّيانات و كان صحيحاً ووصلنا أن الإسلام يملك الحقيقة المطلقة


ألا تلاحظ انه ينقسم إلى 72 فرقة ؟ و كل فرقة تختلف عن الأخرى .. حتى أنها تختلف بالعقيدة !!  ألا ترى أن بعد ان نتعمق أكثر فستجد حتى أن المذاهب تختلف عن بعضها !!
ألا تجد أن أصحاب الفرقة والمذهب نفسه يختلفون !! فأهل السنّة هنالك منهم من إسلامه معتدل طبعاً إسلامه معتدل بأدلة الكتاب والسنّة و من أهل السنّة أيضاً بن لادن و أبو مصعب الزرقاوي و بعض التكفيريّين و هم أيضاً يقتلون و يكفّرون و يصفون الناس بالكفر والزندقة بنفس منطق و بنفس أدلة أصحاب الإسلام المعتدل ألا وهي الكتاب والسنّة .. قل لي من هو الصّحيح بينهم مع العلم أن كل منهم عنده دليله على أفعاله ؟ !!


هذا و كنّا قد فرضنا أن الإسلام هو الحقيقة المطلقة أيضاً !!! و بعد أن أكملنا الحديث و تعمقنا من إختلاف الفرق إلى المذاهب إلى أصحاب الفرقة والمذهب الواحد ..هنا و في هذه المرحلة ..ضاعت تلك الحقيقة المطلقة !!
و جرّ على هذا المثال الشيعة ..الشيعة لهم رواتهم و تفاسيرهم و أدلتهم بأنها صحيحة والسنّة كذلك الأمر !!  فأين هي الحقيقة ؟ و جرّ يضاً على هذا المثال المسيحية


المشكلة أن كل دين يدّعي أنه دين الله والمشكلة أن لكل دين أدلته و كل دين يتفاخر بمهاجمته للدين الآخر !! ولكنه حتى لا يجرؤ على انتقاد نفسه !! انتقد نفسك أولاً و تأكد من أفكارك !! إجعلها سليمة .. و من ثم إشرع لإنتقاد غيرك من أصحاب الأديان والأفكار
تأكّد من أفكارك قبل انتقاد غيرك و تأكد أنك لا تملك الحقيقة المطلقة و أن دينك قابل للنقد .. فانتقد نفسك لعلّك تحسن من سلوك بعض المتطرّفين .


سأنتقل الآن إلى مرحلة التعصّب و لن أركز عليها كثيراً لأن التعصب موجود و كل منكم حصل معه موقف تعصّب ديني
و كل منكم يعرف المعاناة من التعصّب تكون مسلماً ملتحياً فينظر إليك القسّ بإحتقار .. تكون قساً محترماً ينظر إليك صاحب اللحية باحتقار إن رأى الشيعي سنّي سوف يشتمه و يصفه بالوهّابي و إن رأى السنّي شيعيّ سيصفه باللّعان والسبّاب والطاعن بأعراض النّاس
المشكلة أن المسيحي يكره المسلم لأن أدلته تقول أن محمد غير موجود والمسلم يكره المسيحي لأن أدلته تقول أن المسيح مجرد رسول و عبد و ليس ابن الله و على هذا المثال هي كل الطوائف و الأديان
لكن الحقيقة المطلقة هي من سيكون حلّ مشكلتنا لأنه و كما ذكرنا سابقاً أنه لا يوجد دين يملك الحقيقة المطلقة و بما أنّك لا تملك الحقيقة المطلقة ..لماذا تكره غيرك بإسم الإيمان الغيبي ؟ اجتهد و تعلّم و أظهر الحقيقة المطلقة لنا و اعلم بعدها أن كل البشر سيكونون من أتباع دينك .. فقط قم بتشغيل مخّك و افعلها ولا تكن مؤمناً ايمان جغرافي وراثي
فالأغلب بيننا فوق أنّ دينه لا يملك الحقيقة المطلقة !! هو مؤمن ايمان وراثي جغرافي
فمولود العراق في منطقة معينة بالتأكيد شيعيّ والمولود في إيران في منطقة معينة كذلك الأمر المولود في الفاتيكان مؤكد أنه مسيحي المولود في منطقة معينة بالهند بالتأكيد سيكون هندوسي .. مشكلتنا هي الإنصياع والتقاعص بالبحث !! مسألة العقيدة والحياة ما بعد الموت و مسألة الوجود تحتاج بحثاً عميقاً و انت تأتي دون أي تفكير ترى أبوك مسلماً فتكون مسلماً ..تراه مسيحياً فتكون مسيحياً
يا أخي ابحث قلتها سابقاً و سأكررها لا يوجد أي دين يملك الحقيقة المطلقة !! انطلق للبحث حتى تصل إلى الحقيقة و حتى لو متّ و انت تبحث تأكد انك لن تعاقب من أي إله لأنك كنت صادقاً في بحثك عن الحقيقة
سأقولها الثانية .. التمرد التمرد التمرد !! لا تكن تقليدياً و كن متمرداً .. إبحث .. إسأل ..إقرأ
أنا لا أقصد ان أجرّح أحد لكن هذي هي الحقيقة .. أنا ابحث كما الكثير يبحثون و اتمنى منك أنت أيضاً ان تبحث و بحياديّة
بعد أن قرأت هذا الكلام تأكّد أنّ ي لا أعمم !! أنا أتكلم عن المتطرفين فقط وكل واحد يعلم ما في داخله


ما رأيكم الآن أن أتحدث في حريّة الاعتقاد ؟
و أعتقد أن مبتغاي الآن بات واضحاً وضوح الشّمس
و سأقولها باختصار .. لا تكن متعصّباً ولا تخنق الآخرين و اجعلهم يختارون ما يريدون من الأديان و اجعلهم يبحثون ولا تتعهّد بقطع رؤوسهم و كل هذا تحت جملة (لا يوجد دين يملك الحقيقة المطلقة) و بما أنك لا تملكها وهو لا يملكها فاجعله يختار ما يشاء فهذه حرية اعتقاد
و كما تنص المادّة 18 من حقوق الإنسان
  • لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.

    و أترككم مع هذا الفيديو الرائع



مع أنه فيديو لشيخ مسلم لكن كلامه حياديّ :)
آسف على الإطالة
تحياتي لكل من يملك عقل وللحديث بقيّة